المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٦٥
قال الإمام الرازي في الأربعين المعتزلة ينكرون كرامات الأولياء ووافقهم الأستاذ أبو إسحاق منا وأكثر أصحابنا يثبتونها وبه قال أبو الحسين البصري من المعتزلة لنا أما جوازها فظاهر على أصولنا وهي أن وجود الممكنات مستند إلى قدرته الشاملة لجميعها فلا يمتنع شيء منها على قدرته ولا يجب غرض في أفعاله ولا شك أن الكرامة أمر ممكن إذ أوليس يلزم من فرض وقوعها محال لذاته وأما وقوعها فلقصة مريم رضي الله عنها حيث حملت بلا ذكر ووجد الرزق عندها بلا سبب وتساقط عليها الرطب من النخلة اليابسة وجعل هذه الأمور معجزات لزكريا أو إرهاصا لعيسى مما لا يقدم عليه منصف وقصة آصف وهي إحضاره عرش بلقيس من مسافة بعيدة في طرفة عين ولم يكن ذلك معجزة لسليمان عليه السلام إذ لم يظهر على يده مقارنا لدعواه النبوة وقصة أصحاب الكهف وهي أن الله سبحانه وتعالى أبقاهم ثلاثمائة سنة وأزيد نياما أحياء بلا آفة ولم يكونوا أنبياء إجماعا وشئ منها أي من هذه الأمور الخارقة الواقعة في تلك القصص لم يكن معجزة لفقد شرطه كما أشرنا إليه وهو مقارنة الدعوى والتحدي احتج من لم يجوز الخوارق أصلا بما مر بجوابه ومن جوزها وأنكر الكرامة احتج بأنها لا تتميز عن المعجزة فلا تكون المعجزة حينئذ دالة على النبوة وينسد باب إثباتها والجواب إنها تتميز بالتحدي مع ادعاء النبوة في المعجزة وعدمه أي عدم التحدي مع ذلك الادعاء في الكرامة
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»