المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٧
كثيرة وإما أنه لم يعارض فلأنه لو عورض لتواتر سيما والخصوم أكثر من حصى البطحاء وأحرص الناس على إشاعة ما يبطل دعواه وأما أنه حينئذ يكون معجزا فقد مر والكلام على هذه الطريقة سؤالا وجوابا يعلم من الفصل المتقدم ولنتكلم الآن في وجه إعجازه وفي شبه القادحين فيه في فصلين الفصل الأول في وجه إعجازه وقد اختلف فيه فقيل هو ما اشتمل عليه من النظم الغريب المخالف لنظم العرب ونثرهم في مطالعه ومقاطعه وفواصله وعليه بعض المعتزلة وقيل كونه في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها وعليه الجاحظ قالوا البلاغة التعبير باللفظ الرائع عن المعنى الصحيح بلا زيادة ولا نقصان في البيان وهل رتب البلاغة متناهية والحق أن الموجود منها متناه دون الممكن ثم أصل البلاغة في القرآن متفق عليه لا ينكره من له أدنى تمييز ومعرفة بصياغة الكلام وأما كونه في الدرجة العالية غير المعتادة وبهذا يحصل الإعجاز ولا حاجة بنا إلى بيان أنه الغاية فيها فلأن من تتبع القرآن وجد فيه فنونها من إفادة المعاني الكثيرة باللفظ القليل وضروب التأكيد وأنواع التشبيه والتمثيل والاستعارة وحسن المطالع والمقاطع والفواصل والتقديم والتأخير والفصل والوصل اللائق بالمقام وتعريه عن اللفظ الغث والشاذ والشارد إلى غير ذلك بحيث لا يرى المتصفح له المميز نوعا منها إلا وجده فيه أحسن ما يكون ولا يقدر أحد من البلغاء وإن استفرغ وسعه إلا على نوع أو نوعين منه وربما لو رام غيره لم يواته ومن كان أعرف بالعربية وفنون بلاغتها كان أعرف بإعجاز القرآن
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»