المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٣٤١
العلم بالصدق عقيبه فإن إظهار المعجز على يد الكاذب وإن كان ممكنا عقلا فمعلوم انتفاؤه عادة كسائر العاديات لأن من قال أنا نبي ثم نتق الجبل وأوقفه على رؤوسهم وقال إن كذبتموني وقع عليكم وإن صدقتموني انصرف عنكم فكلما هموا بتصديقه بعد عنهم وإذا هموا بتكذيبه قرب منهم علم بالضرورة أنه صادق في دعواه والعادة قاضية بامتناع ذلك من الكاذب وقد ضربوا لهذا مثلا قالوا إذا ادعى الرجل بمشهد الجم الغفير أني رسول هذا الملك إليكم ثم قال للملك إن كنت صادقا فخالف عادتك وقم من الموضع المعتاد لك من السرير واقعد بمكان لا تعتاده ففعل كان ذلك نازلا منزلة التصديق بصريح مقاله ولم يشك أحد في صدقه بقرينة الحال وليس هذا من باب قياس الغائب على الشاهد بل ندعي في إفادته العلم الضرورة العادية ونذكر هذا للتفهيم وزيادة التقرير وقالت المعتزلة خلق المعجز على يد الكاذب ممتنع لأن فيه إيهام صدقه وهو إضلال قبيح من الله قال الشيخ وبعض أصحابنا إنه غير مقدور لأن لها دلالة على الصدق قطعا فلا بد لها من وجه دلالة وإن لم نعلمه بعينه فإن دل على الصدق كان الكاذب صادقا وإلا انفك عما يلزمه وقال القاضي اقتران ظهور المعجزة بالصدق هو أحد العاديات فإذا جوزنا انخراقها عن مجراها جاز إخلاء المعجز عن اعتقاد الصدق وحينئذ يجوز إظهاره على يد الكاذب وأما بدون ذلك فلا لأن العلم بصدق الكاذب محال
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»