بقبحه واستغنائه عنه فلا بد إذن في فعله من غرض يعود إلى غيره نفيا للعبث والنقض قلنا في جوابهم إن أردتم بالعبث ما لا غرض فيه من الأفعال فهو أول المسألة المتنازع فيها إذ نحن نجوز أن يصدر عنه تعالى فعل لا غرض فيه أصلا وأنتم تمنعونه وتعبرون عنه بالعبث فلا يجديكم نفعا وإن أردتم بالعبث أمرا آخر فلا بد لكم أولا من تصويره أي تصوير ذلك الأمر الآخر حتى نفهمه ونتصوره ثم لا بد ثانيا من تقريره أي بيانه ثبوت ذلك المفهوم للفعل على تقدير خلوه من الغرض ثم لا بد ثالثا من الدلالة على امتناعه أي استحالة الفعل المتصف بذلك المفهوم الآخر على الله سبحانه وتعالى حتى يتم لكم مطلوبكم وقد يقال في الجواب إن العبث ما كان خاليا عن الفوائد والمنافع وأفعاله تعالى محكمة متقنة مشتملة على حكم ومصالح لا تحصى راجعة إلى مخلوقاته تعالى لكنها ليست أسبابا باعثة على إقدامه وعللا مقتضية لفاعليته فلا تكون أغراضا له ولا عللا غائية لأفعاله حتى يلزم استكماله بها بل تكون غايات ومنافع لأفعاله وآثارا مترتبة عليها فلا يلزم أن يكون شيء من أفعاله عبثا خاليا عن الفوائد وما ورد من الظواهر الدالة على تعليل أفعاله تعالى فهو محمول على الغاية والمنفعة دون الغرض والعلة الغائية تذنيب إذ قيل لهم أنتم قد أوجبتم الغرض في أفعاله تعالى فما الغرض من هذه التكاليف الشاقة التي لا نفع فيها لله لتعاليه عنه ولا للعبد لأنها مشقة بلا حظ قالوا الغرض فيها عائد إلى العباد وهو تعريض العبد للثواب في الدار الآخرة وتمكينه منه فإن الثواب تعظيم أي منفعة دائمة مقرونة بتعظيم وإكرام وهو أي التعظيم المذكور بدون استحقاق سابق قبيح عقلا ألا يرى أن السلطان إذا أمر بزبال وأعطاه من المال ما لا
(٢٩٨)