المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٦
الأغراض والعلل الغائية ووافقهم على ذلك جهابذة الحكماء وطوائف الإلهيين وخالفهم فيه المعتزلة وذهبوا إلى وجوب تعليلها وقالت الفقهاء لا يجب ذلك لكن أفعاله تابعة لمصالح العباد تفضلا وإحسانا لنا في إثبات مذهبنا بعدما بينا من أنه لا يجب عليه تعالى شيء فلا يجب حينئذ أن يكون فعله معلالا بغرض ولا يقبح منه شيء فلا يقبح أن تخلو أفعاله عن الأغراض بالكلية وذلك يبطل مذهب المعتزلة وجهان يبطلان المذهبين معا أعني وجوب التعليل ووقوعه تفضلا أحدهما لو كان فعله تعالى لغرض من تحصيل مصلحة أو دفع مفسدة لكان هو ناقصا لذاته مستكملا بتحصيل ذلك الغرض لأنه لا يصلح غرضا للفاعل إلا ما هو أصلح له من عدمه وذلك لأن ما استوى وجوده وعدمه بالنظر إلى الفاعل أو كان وجوده مرجوحا بالقياس إليه لا يكون باعثا له على الفعل وسببا لإقدامه عليه بالضرورة فكل ما كان غرضا وجب أن يكون وجوده أصلح للفاعل وأليق به من عدمه وهو معنى الكمال فإذن يكون الفاعل مستكملا بوجوده وناقصا بدونه فإن قيل لا نسلم الملازمة لأن الغرض قد يكون عائدا إلى الفاعل فيلزم ما ذكرتم من النقصان والاستكمال وقد يكون عائدا إلى غيره فلا يلزم فليس يلزم من كونه تعالى فاعلا لغرض أن يكون من قبيل الأول إذ أوليس كل من يفعل لغرض يفعل لغرض نفسه بل ذلك في حقه تعالى محال لتعاليه عن التضرر والانتفاع فتعين أن يكون غرضه راجعا إلى عباده وهو الإحسان إليهم بتحصيل مصالحهم ودفع مفاسدهم ولا محذور في ذلك قلنا نفع غيره والإحسان إليه إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه جاء الإلزام لأنه تعالى يستفيد حينئذ بذلك النفع والإحسان ما هو أولى به وأصلح له وإلا أي وإن لم يكن أولى بل كان مساويا أو مرجوحا لم يصلح أن يكون غرضا له لما مر من العلم الضروري بذلك بل نقول كيف ندعي وجوب تعليل أفعاله
(٢٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 ... » »»