المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٣
امتناع طلبه إلى غير ذلك من الأحكام الجارية عليه ومنهم من قال طلبه يتوقف على تصوره واقعا أي ثابتا لأن الطالب لثبوت شيء لا بد أن يتصور أولا مطلوبه على الوجه الذي يتعلق به طلبه ثم يطلبه وهو أي التصور على وجه الوقوع والثبوت منتف ههنا أي في الممتنع لنفس مفهومه فإنه يستحيل تصوره ثابتا وذلك لأن ماهيته من حيث هي هي تقتضي انتفاءه وتصور الشيء على خلاف ما تقتضيه ذاته لذاته لا يكون تصورا له بل لشيء آخر كمن يتصور أربعة ليست بزوج فإنه لا يكون متصورا للأربعة قطعا بل الممتنع لذاته إنما يتصور على أحد وجهين إما منفيا بمعنى أنه أوليس لنا شيء موهوم أو محقق هو اجتماع الضدين أو بالتشبيه بمعنى أن يتصور اجتماع المتخالفين كالسواد والحلاوة ثم يحكم بأن مثله لا يكون بين الضدين وذلك أي تصوره على أحد هذين الوجهين كاف في الحكم عليه دون طلبه لأنه غير تصور وقوعه وثبوته ولا مستلزم له صرح ابن سينا به أي بأن تصوره كذلك كما نقلناه عنه في باب العلم ولعله معنى قول أبي هاشم العلم بالمستحيل علم لا معلوم له كما أشرنا إليه هناك أيضا ولعله مراد من قال المستحيل لا يعلم أي لا يعلم من حيث ذاته وماهيته المرتبة الوسطى من مراتب ما لا يطاق أن لا يتعلق به القدرة الحادثة عادة سواء امتنع تعلقها به لا لنفس مفهومه بأن لا يكون من جنس ما تتعلق به كخلق الأجسام فإن القدرة الحادثة لا تتعلق بإيجاد الجوهر أصلا أم لا بأن يكون من جنس ما تتعلق به لكن يكون من نوع أو صنف لا تتعلق به كحمل الجبل والطيران إلى السماء فهذا أي التكليف بما لا يطاق عادة نجوزه نحن وإن لم يقع بالاستقراء ولقوله تعالى * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * وتمنعه المعتزلة لكونه قبيحا عندهم وبه
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»