المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٧
تعالى بمنافع العباد وإنا نعلم أن خلود أهل النار في النار من فعل الله ولا نفع فيه لهم ولا لغيرهم ضرورة وثانيهما أي ثاني الوجهين أن غرض الفعل أمر خارج عنه يحصل تبعا للفعل وبتوسطه أي يكون للفعل مدخل في وجوده وهذا مما لا يتصور في أفعاله إذ هو تعالى فاعل لجميع الأشياء ابتداء كما بيناه فيما سلف فلا يكون شيء من الكائنات والحوادث وإلا فعلا له صادرا عنه بتأثير قدرته ابتداء بلا واسطة لا غرضا لفعل آخر له مدخل في وجوده بحيث لا يحصل ذلك الشيء إلا به ليصلح أن يكون غرضا لذلك الفعل حاصلا بتوسطه وليس جعل البعض من أفعاله وآثاره غرضا أولى من البعض الآخر إذ لا مدخل لشيء منها في وجود الآخر على تقدير استنادها بأسرها إليه على سواء فجعل بعضها غرضا من بعض آخر دون عكسه تحكم بحت فلا يتصور تعليل في أفعاله أصلا وأيضا إذا عللت أفعاله بالأغراض فلا بد من الانتهاء إلى ما هو الغرض والمقصود في نفسه وإلا تسلسلت الأغراض إلى ما لا نهاية لها ولا يكون ذلك الذي هو غرض ومقصود في نفسه لغرض آخر لأنه خلاف ما فرض وإذا جاز ذلك بطل القول بوجوب الغرض إذ قد انتهى أفعاله إلى فعل لا غرض له وهو الذي كان مقصودا في نفسه وقد يقال لا يجب في الغرض كونه مغايرا بالذات بل يكفيه التغاير الاعتباري احتجوا أي المعتزلة على وجوب الغرض في أفعاله تعالى بأن الفعل الخالي عن الغرض عبث وأنه قبيح بالضرورة يجب تنزيه الله عنه لكونه عالما
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»