الجواد الكريم وأما نفعه وهو المطلوب لأن إيصال ذلك النفع واجب لئلا يلزم نقض الغرض فيقال لهم الطاعة التي كلف بها لا تكافىء النعم السابقة لكثرتها وعظمها وحقارة أفعال العبد وقلتها بالنسبة إليها وما ذلك إلا كمن يقابل نعمة الملك عليه مما لا يحصره بتحريك أنملته فكيف يحكم العقل بإيجابه الثواب عليه واستحقاقه إياه وأما التكليف فنختار أنه لا لغرض ولا استحالة فيه كما سيجيء عن قريب أو هو لضر قوم كالكافرين ونفع آخرين كالمؤمنين كما هو الواقع أو أوليس ذلك على سبيل الوجوب بل هو تفضل على الأبرار وعدل بالنسبة إلى الفجار الثالث من تلك الأمور العقاب على المعصية زجرا عنها فإن في تركه التسوية بين المطيع والعاصي وهو قبيح كما في الشاهد إذا كان له عبدان مطيع وعاص وفيه أي في تركه أيضا إذن للعصاة في المعصية وإغراء لهم بها وذلك لأنه تعالى ركب فيهم شهوة القبائح فلو لم يجزم المكلف بأنه يستحق على ارتكاب القبيح عقابا لا يجوز الإخلال به بل جوز ترك العقاب لكان ذلك إذنا من الله سبحانه وتعالى للعصاة في ارتكاب الشهوات بل إغراء بها وهو قبيح يستحيل صدوره من الله تعالى فيقال لهم العقاب حقه والإسقاط فضل فكيف يدرك امتناعه بالعقل وترك العقاب لا يستلزم التسوية فإن المطيع مثاب دون العاصي وحديث الإذن والإغراء مع رجحان ظن العقاب بمجرد تجويز مرجوح ضعيف جدا يعني أنه أوليس يلزم من جواز ترك العقاب على المعصية إذن وإغراء وإنما يلزم ذلك إذا لم يكن ظن العقاب رجحان على تركه إذ مع رجحانه لا يلزم من مجرد تجويز تركه تجويزا مرجوحا الإذن والإغراء كما أن جواز تركه بل وجوبه على تقدير إثابته التي يمكن صدورها عنه لا يستلزمهما الرابع من الأمور الواجبة عندهم الأصلح للعبد في الدنيا فيقال لهم الأصلح للكافر الفقير المعذب في الدنيا والآخرة أن لا يخلق مع أنه مخلوق فلم يراع في حقه ما كان أصلح له فلا يكون الأصلح واجبا عليه تعالى
(٢٨٧)