المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٢
والجواب الفرق بتضرر الشاهد دون الغائب وأيضا حرمة التصرف في ملك الشاهد مستفادة من الشرع دليل الإباحة وجهان أحدهما أنه تصرف لا يضر المالك فيباح كالاستظلال بجدار الغير والاقتباس من ناره والنظر في مرآته والجواب أن الأصل ثبت بالشرع وحكم العقل فيه أي في الأصل بالمعنى المتنازع فيه ممنوع بل إنما يحكم فيه بمعنى الملاءمة وموافقة الغرض والمصلحة وثانيهما أنه تعالى خلق العبد وخلق الشهوة فيه وخلق المنتفع به من الثمار المطعومة وغيرها فالحكمة تقتضي إباحته أي إباحة الانتفاع وإلا كان حقه عبثا وكيف يدرك تحريمه بالعقل وما هو إلا كمن يغترف غرفة من بحر لا ينزف ليدفع به عطشه المهلك أترى العقل يحكم بمنع أكرم الأكرمين منه وتكليفه التعرض للهلاك كلا والجواب ربما خلقه ليصبر عنه ويمنع هواه وشهوته فيثاب على ذلك وهذه منفعة جليلة أو خلقه لغرض آخر لا نعلمه وأما التوقف فيفسر تارة بعدم الحكم ومرجعه الإباحة إذ ما لا منع فمباح إلا أن يشترط في الإباحة الإذن فيرجع إلى كونه حكما شرعيا لا عقليا وكلامنا فيه وإنما يتجه هذا اشترط إذن الشارع لا إذن العقل وربما يقال هذا التفسير جزم بعدم الحكم لا توقف إلا أن يراد توقف العقل عن الحكم ويفسر تارة بعدم العلم أي هناك حظر أو إباحة لكنا لا نعلمه وهذا أمثل من التفسير الأول المشتمل على نوع تكلف في معنى التوقف كما عرفت لكن عدم العلم لا لتعارض الأدلة إذ قد تبين بطلانها بل لعدم الدليل على أحد هذين الحكمين بعينه
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»