الكذب قبيحا لذاته وإما قبيح فتركه حسن مع أنه أي تركه يستلزم كذبه فيما قاله أمس ومستلزم القبيح قبيح فيلزم أن يكون هذا الترك حسنا وقبيحا معا وهو باطل فتعين الأول وهو أن لا يكون قبح الكذب ذاتيا لانقلابه حسنا وهو المطلوب قلنا لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح لأن الحسن لذاته قد يستلزم القبيح فتتعدد جهة الحسن والقبح فيه وأنه غير ممتنع فيكون مثلا الكلام الواحد من حيث تعلقه بالمخبر عنه على ما هو به حسنا ومن حيث استلزامه للقبيح الذي هو الكذب فيما قاله أمس قبيحا ومثل ذلك جائز عند الجبائية القائلين بالوجوه والاعتبارات فلا ينتهض هذا المسلك حجة عليهم كما أن الوجه الثاني كذلك إذ يتجه هناك أن يقال لم يتخلف القبح عن الكذب بل هو قبيح باعتبار تعلقه بالمخبر عنه لا على ما هو به وحسن باعتبار استلزامه للعصمة والإنجاء وقد نبهناك على ذلك أو نلتزم قبحه أي قبح كلامه في الغد مطلقا لأنه قبيح إما لذاته إن كان كاذبا وإما لاستلزامه القبيح إن كان صادقا ونقول الحسن كالكلام الصادق فيما نحن فيه إنما يحسن إذا لم يستلزم القبيح وأنت خبير بأن انقلاب الحسن إلى القبيح إنما يتأتى على القول بالوجوه الاعتبارية فضعف هذا المسلك إنما يظهر إذا جعل دليلا على بطلان مذاهب المعتزلة كلها الثاني من المسالك الضعيفة من قال زيد في الدار ولم يكن زيد فيها فقبح هذا القول إما لذاته وحده أو مع عدم كون زيد في الدار إذ لا قائل بقسم ثالث والقسمان باطلان فالأول لاستلزامه قبحه وإن كان زيدا في الدار والثاني لأنه يستلزم كون العدم جزء علة الوجود
(٢٧٦)