الأنبياء بغير حق وكذا يجزمون بحسن العدل والصدق النافع والإيمان وعصمة الأنبياء من أنواع الإيذاء وليس ذلك الجزم منهم بالقبح أو الحسن بالشرع إذ يقول به غير المتشرع ومن لا يتدين بدين أصلا كالبراهمة ولا بالعرف إذ العرف يختلف بالأمم على حسب اختلافهم وهذا الذي ذكرناه لا يختلف بل الأمم قاطبة مطبقون عليه والجواب أن ذلك أي جزم العقلاء كلهم بالحسن والقبح في الأمور المذكورة بمعنى الملاءمة والمنافرة أو صفة الكمال والنقص مسلم إذ لا نزاع لنا في أنهما بهذين المعنيين عقليان وبالمعنى المتنازع فيه ممنوع على أنه قد يقال جاز أن يكون هناك عرف عام هو مبدأ لذلك الجزم المشترك وثانيهما أن من عن له تحصيل غرض من الأغراض واستوفى فيه الصدق والكذب فإنه يؤثر الصدق قطعا بلا تردد وتوقف فلولا أن حسنه مركوز في عقله لما اختاره كذلك وكذا من رأى شخصا قد أشرف على الهلاك وهو قادر على إنقاذه مال إلى إنقاذه قطعا واستغرق في ذلك طوقه وإن لم يرج منه ثوابا ولا شكورا كما إن كان المنقذ طفلا أو مجنونا وليس ثمة من يراه ولا يتصور فيه غرضا من جذب نفع أو دفع ضر بل ربما يتضرر فيه بتعب شاق فلم يبق هناك حامل سوى كون الإنقاذ حسنا في نفسه والجواب أما حديث اختيار الصدق فلأنه قد تقرر في النفوس كونه
(٢٧٩)