البصر فيها ويتصل بما وراءها فإن صفحة البلور والزجاج الشفاف تزيد ما خلفها ظهورا ولذلك يستعين بها الطاعنون في السن على قراءة الخطوط الدقيقة وقد يجاب عنه بأنه لو كان جسما محسوسا لم تكن كثرته موجبة لشدة الإحساس بما تحته لأن الحس يشتغل به فكلما كثر كان الاشتغال به أكثر فيقل الإحساس بما وراءه ألا ترى أن تلك الصفيحة إذا غلظت جدا أوجبت لما تحتها سترا وأن الاستعانة بالرقيقة منها إنما هي للعيون الضعيفة دون القوية بل هي حجاب لها عن رؤية ما وراءها الثاني لو كان الضوء جسما لكان حركته بالطبع إذ لا إرادة له قطعا ولا قاسر معه يقسره أيضا فكانت حركته الطبيعية إلى جهة واحدة فلم يقع الضوء من كل جهة بل من جهة واحدة فقط والتالي باطل لأن الضوء يقع على الأجسام من جهات متعددة مختلفة واعترض عليه بجواز أن يكون الضوء أجساما مختلفة الطبائع مقتضية للحركة في الجهات المتباينة نعم لو ثبت أن الضوء مطلقا حقيقة واحدة لتم ومما يقوي ذلك أي عدم كون الضوء جسما أن النور إذا دخل في البيت من الكوة ثم سددناها دفعة واحدة فإنه أي ذلك الجسم الذي فرض أنه النور لا يخرج من البيت لا قبل السد ولا بعده وهو ظاهر ولا تعدم ذاته وإلا لزم أن تكون حيلولة الجسم بين جسمين معدمة لأحدهما ولا يبقى أيضا على حاله الذي كان عليه بل تعدم كيفيته التي كانت مبصرة وهو مرادنا فإن تلك الكيفية الحاصلة من مقابلة المضيء الزائلة بزوالها هي الضوء وإذا ثبت ذلك في بعض الأجسام ثبت في الكل للقطع بعدم التفاوت وأيضا فالشمس إذا طلعت من الأفق استنارت الدنيا أي وجه الأرض وما يتصل به في اللحظة وحركته أي حركة النور الفائض على الدنيا من الفلك الرابع إلى وجه
(٦٥٧)