نفس اللون لكونه أمرا مستمرا فبطل مذهبه لهذا ولأنه أعني الضوء مشترك بين الألوان كلها فإن السواد والبياض وغيرهما قد تكون مضيئة مشرقة ولا شك أنها غير مشاركة في الماهية بل متخالفة فيها فلا يكون الضوء نفسها وفيهما أي في هذين الوجهين المبطلين لمذهبهم نظر إذ ربما يقول ذلك القائل الأمر المتجدد الذي اعترفت به لون يحدث فلا يكون الضوء زائدا على اللون وفيه بحث إذ يلزمه حينئذ تجدد الألوان بحسب اشتداد الضوء شيئا فشيئا سواء كانت متعاقبة في الوجود أو مجتمعة في المحل وكلاهما باطل عندهم قال الإمام الرازي هؤلاء الذي قالوا الضوء ظهور للون أن جعلوا الضوء كيفية زائدة على ذات اللون وسموه بالظهور لأنه سبب له فذلك نزاع لفظي وإن زعموا أن ذلك الظهور تجدد حالة نسبية أعني ظهور اللون عند الحس فهذا باطل لأن الضوء أمر غير نسبي فلا يصح تفسيره بالحالة النسبية وإن جعلوه عبارة عن اللون المتجدد فلا يكون لقولهم الضوء ظهور اللون معنى وأنه عطف على إذ ربما أي ولأنه يجوز اشتراك الأمور المتخالفة بالماهية في أمر ذاتي أو عرضي فيجوز حينئذ اشتراك الألوان المختلفة الحقائق في كونها ذات مراتب أي في الظهور الذي له مراتب متفاوتة وهذا ضعيف جدا إذ المراد أن الضوء الذي في البياض يماثل في الماهية الضوء الذي في السواد كما يشهد به الحس وهما لا يتماثلان في الماهية قطعا فلا يكون ضوء كل منهما عينه بل أمرا زائدا عليه وإذ قد بطل هذان الوجهان فالمعتمد في الرد على هذا القائل أن البلور في الظلمة إذا وقع عليه ضوء يرى ضوؤه ولا يرى لونه لعدمه فقد وجد الضوء بدون اللون كما قد وجد أيضا اللون بدونه فإن السواد وغيره
(٦٦٠)