درر السمط في خبر السبط - ابن الأبار - الصفحة ٥٢
وترحض، حتى ينعم في دار القرار بمجاورة الأبرار (1). وواضح أنه وجد في مأساة الحسين صورة لمأساته ومأساة وطنه. وكأنه لا يبكي الحسين وإنما يبكي نفسه ووطنه حين يقول: " أشهدك اللهم في رزء الشهيد، وأني أهب التهويم للتسهيد، ثم لا أبرج ذا غليل برح، وأليل يجل عن شرح، مضطرب البال، مضطرم البلبال " (2).
وليكون التأثير بالغا والعواطف منفعلة حسبما يتطلب موضوع الحسرة والبكاء، فقد تخير ابن الأبار أن تكون الفواصل قصيرة، والسجعات متوازنة، والكلمات ذات جرس خاص، حتى إنه ليطلب أكثر من اتفاق أواخر الفواصل في الحروف، فقد يبلغ الاتفاق ثلاثا أو أربعا أو خمسا أو ستا. واهتمامه بالجرس قاده إلى الجناس الناقص وتشابه الكلمات حروفا ونطقا. وليكون التأثير تاما فتراه يختم كل فكرة أو فقرة وإن قصرت بآية قرآنية أو حديث نبوي أو شعر مناسب أو مثل متخير. وقد يورد ذلك بلفظه أو تضمينا. فهو يصل إلى ما يريد مباشرة ولا يطيل سفر الكلام.
ومما يدل على اهتمامه بأدب البكاء هذا أنه بالإضافة إلى درر السمط فقد كتب كتابا آخرا هو معادن اللجين في مراثي الحسين (3). ويقول الغبريني عن هذا الكتاب: " ولو لم يكن له من التأليف إلا " هذا الكتاب " لكفاه في ارتفاع درجته، وعلو

(١) انظر التأمين الذي ختم به الدرر أدناه ص ١٢٦.
(٢) الدرر 126.
(3) ذكره ابن الأبار في التكملة ترجمة 1003، وانظر أيضا الذيل والتكملة 6: 259 وفيه " معدن " موضع " معادن "، وأيضا عنوان الدراية 261 بإسقاط الكلمتين.
(٥٢)
مفاتيح البحث: البكاء (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست