درر السمط في خبر السبط - ابن الأبار - الصفحة ٣٠
في الدين والازورار عن أقوال أصحاب الرأي فيه (1). ومما ساعد في ذلك أن أرض الأندلس " لم تتجاذب فيها الخصوم ولا اختلفت فيها النحل " على حسب قول ابن حزم في تعليله لقصور باع الأندلسيين في علم الكلام (2).
فلا عجب إن كان الصراع في أندلس الإمارة والخلافة صراعا إقليميا قبليا عنصريا بين مضرية ويمانية وعرب وبربر وموالي (3). ولقد تميزت ثورات فترة تأسيس الإمارة الأموية بطموحات فردية مستغلة لتذمر اجتماعي محدود في رقعة جغرافية معينة. وخير أمثلة على ذلك ثورة العلاء بن مغيث الجذامي في باجة (4)، وهشام بن عروة في طليطلة (5)، وسعيد اليحصبي في لبلة، وأبي الصباح بن يحيى

(١) منذ أن تحول الأندلس عن مذهب الأوزاعي مذهب أهل الشام إلى مذهب مالك مذهب أهل المدينة في خلافة الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ثالث أمراء بني أمية في قرطبة (نفح الطيب، الأزهرية، ٢: ١٥٨ - ١٥٩) أصبح التقليد هو القاعدة واتباع الفروع هو أصل الفقه. وتميزت المعارف بالنفور عن المستحدث من الآراء حتى تلك التي تلقتها الجماعة المسلمة في المشرق بالقبول. وخير ما يصور ذلك الموقف من آراء أبي حامد الغزالي في بداية الأمر. وانظر كيف وقف فقهاء قرطبة في بادئ الأمر في وجه الطرف الجديدة التي جاء بها بقي من مخلد في البيان المغرب 2: 110.
(2) نفح الطيب (الأزهرية) 2: 134. وعن موقف الأندلسيين من الفلسفة انظر نفح الطيب 1: 102 - 103.
(3) انظر أمثلة في البيان المغرب 2: 53 - 54، 62، 64، 70، 81، 82، نفح الطيب (الأزهرية) 2: 64، 67، 73، 79، المغرب في حلي المغرب 2: 161.
(4) نفح الطيب (الأزهرية) 1: 156، 2: 67، البيان المغرب 2: 51 - 52.
(5) البيان المغرب 2: 53.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست