درر السمط في خبر السبط - ابن الأبار - الصفحة ٣٥
الهجوم على الشيعة سياسيا فلم ترض عن انتقاص علي كخليفة، وقد رد منذر البلوطي قاضي الجماعة في قرطبة على ابن عبد ربه ردا عنيفا (1) ولم يعرض ذلك منذرا لسخط الناصر مما يؤكد أن القضية كلها كانت موجهة ضد فاطمي إفريقية. وحسبك أن ابن حزم الذي تشيع " لأمراء بني أمة، ماضيهم وباقيهم بالمشرق والأندلس " اعتقد بإمامة عبد الله بن الزبير ويرى أن مقتل الحسين من أكبر مصائب الإسلام (2).
ولم يجد التشيع إلى الأندلس طريقا حتى بعد أن أدبرت دولة بني أمية، وأعرض الناس عنهم ك وأصبح الانتساب لهم قد يعرض صاحبه إلى شقاء واضطهاد، حتى إن الشاعر أيوب بن سليمان السهيلي الأموي، في أول أيام المرابطين يقول لغلامه: " إذا سئلت عني فقل إنه من اليهود، فإنه أمشى لحالنا " (3).
وفي أيام بني حمود تهيأ مناخ لنشوء أدب تشيع ذلك لأن بني حمود كانوا علويين وأخذوا السلطة من أمويين. ويلاحظ أن الشعراء الذين مدحوا علي بن حمود أو إدريس بن يحيى من أمثال ابن دارج القسطلي وعبادة بن ماء السماء وابن مقانا كانوا يصفون ممدوحهم بابن الرسول أو الهاشمي أو الطالبي أو الفاطمي (4)،

(١) التكملة ١: ٢٩٣ ويقول ابن بسام عن ابن عبد ربه: " ووقفنا على... ومدائحه المروانية ومطاعنة في العباسية " (الذخيرة ٤: ١: ٢١٠). هذا مع أن عبد ربه في عقده قد عد عليا من الخلفاء (العقد ٢:).
(٢) قارن الذخيرة ١: ١: ١٦٩ والمغرب ١: ٣٥٥ بما في المحلى ١: ٢٣٦ وجوامع السيرة 359 ومناقشة دكتور إحسان للأمر في مقدمة جوامع السيرة.
(3) المغرب 1: 61.
(4) مثل قول ابن دارج في خطابه لعلي " حسبك الله يا ابن رسول الله " (الذخيرة 1: 1: 64). أو في شعره في لاميته:
فكوني شفيعي إلى ابن الشفيع * وكوني رسولي إلى ابن الرسول إلى قوله:
إلى الهاشمي إلى الطالبي * إلى الفاطمي العطوف الوصول (الذخيرة السنية 1: 1: 88 - 90، ديوان ابن دارج 75).
أو قول عبادة:
صلى عليك الله يا ابن رسوله * ووليه المختص بعد خليله (الذخيرة 1: 1: 476، وانظر أخرى 478).
أو قول ابن مقانا في نونيته المشهورة:
يا بني أحمد يا خير الورى * لأبيكم كان رفد المسلمين وقوله:
خلقوا من ماء عدل وتقى * وجميع الناس من ماء وطين وقوله:
انظرونا نقتبس من نوركم * إنه من نور رب العالمين (الذخيرة 2: 2: 793، نفح الطيب (الأزهرية) 1: 202 - 203).
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست