هذا يشير قول عبد المهيمن الحضرمي السبتي بقوله عن حبه لآل البيت: " أحبهم حب التشرع لا حب التشيع " (1). وهنا ينبغي التفريق بين حب آل البيت والبكاء على ما أصابهم من مأسي متصلة في حلقات متعاقبة من العمل السياسي. فأدب البكاء هذا قد يكون نتيجة التزام بالمذهب الاعتقادي الشيعي أو قد يكون نتيجة لظروف خاصة بالشاعر أو الكاتب فوجد كل منهما في مأسي آل البيت ما يحكي مأساته هو أو مأساة مجتمعة. وفي الحالة الأخيرة هذه لابد من تبين الظروف الاجتماعية التي أفرزت هذه الظاهرة التي تسمى أدب بكاء آل البيت في بيئة غير شيعية. فكيف تعين هذه التميزات في فهم التشيع في الأندلس (2)؟
من اللافت للنظر أن التغييرات الكبرى في أيام الخلافة الإسلامية كانت تبدأ من مناطق الأطراف، ثم تزحف إلى وسط أراضي الخلافة. وكان هذا حال الثورة العباسية والدعوة الفاطمية وحركات الاستفاقة السنية مع السلاجقة الأتراك ودولهم المتتابعة في المشرق والمرابطين والموحدين في المغرب. ومع أن الأندلس كان منطقة أطراف فلم يعرف حالة شبيهة بتلك الحالات. ولعل هذا يدل على أن أوضاع الأندلس وظروفه لم تساعد على قيام حركات معارضة عقائدية كتلك التي شهدتها الخلافة الإسلامية متجسدة في ثورات الخوارج والشيعة وحركات