فتألبت له الدنيا، ودخل إلى الناس من جهة الألفة، وقال: " طال ما عنف عليكم السلطان، وانتزع أموالكم، وحملكم فوق طاقتكم، وأذلتكم العرب واستعبدتكم، وإنما أريد أن أقوم بثأركم، وأخرجكم من عبوديتكم " (1). ومع كل هذا لم يجد ابن حفصون حاجة للبوس التشيع مذهبا لحركته ضد النظام الاجتماعي والسلطة الممثلة له مع أن التشيع مذهب مخالف لمذهب الجماعة المسيطرة الغالبة.
ومن هنا يصعب القول بأن أندلس الإمارة والخلافة عرف حركة شيعية، ولم يهتم أمراء بني أمية الأندلسيين بالشيعة مذهبا وحركة إلا في خلافتي الناصر وابنه المستنصر، نتيجة لقيام الدولة الفاطمية في إفريقية، وصراعهم والأمويين على المغرب الأقصى (2)، الذي اعتبروه جميعا منطقة نزاع بينهما. ولهذا حرص أمويو قرطبة على طاعة حسني المغرب من الأدارسة (3) وبني قنون الذين قاتلهم الأمويون عندما أظهروا الطاعة للفاطميين، بل إن الأمويين قد حرقوا منبرا للفاطميين في أصيلا كان بنو قنون قد شادوه (4).