الثانية يعرف كون الراوي ضابطا بان نعتبر روايته بروايات الثقاة المعروفين بالضبط والاتقان فان وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعني لرواياتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه ضابطا ثبتا وإن وجدناه كثير المخالفة لهم لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه والله أعلم الثالثة التعديل مقبول من غير ذكر سببه علي المذهب الصحيح المشهور لان أسبابه كثيرة يصعب ذكرها فان ذلك يحوج المعدل إلي ان يقول لم يفعل كذا لم يرتكب كذا فعل كذا وكذا فيعدد جميع ما يفسق بفعله أو بتركه وذلك شاق جدا واما الجرح فإنه لا يقبل الا مفسرا مبين السبب لان الناس يختلفون فيما يجرح وما لا يجرح فيطلق أحدهم الجرح بناء علي أمر اعتقده جرحا وليس بجرح في نفس الامر فلا بد من بيان سببه لينظر فيه أهو جرح أم لا وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله وذكر الخطيب الحافظ انه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث ونقاده مثل البخاري ومسلم وغيرهما ولذلك احتج البخاري بجماعة سبق من غيره الجرح لهم كعكرمة مولي بن عباس رضي الله عنهما وكإسماعيل بن أبي أويس وعاصم بن علي وعمرو بن مرزوق وغيرهم واحتج مسلم بسويد بن سعيد وجماعة اشتهر الطعن فيهم وهكذا فعل أبو داود السجستاني وذلك دال علي انهم ذهبوا إلي ان الجرح لا يثبت الا إذا فسر سببه ومذاهب النقاد للرجال غامضة مختلفة وعقد الخطيب بابا في بعض أخبار من استفسر في جرحه فذكر ما لا يصلح جارحا منها عن شعبة انه قيل له لم تركت حديث فلان فقال رايته يركض علي برذون فتركت حديثه ومنها عن مسلم بن إبراهيم انه سئل عن حديث لصالح المري فقال ما تصنع بصالح ذكروه يوما عند حماد بن سلمة فامتخط حماد والله أعلم قلت ولقائل ان يقول إنما يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم علي الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل وقل ما يتعرضون فيها لبيان
(٨٦)