وتواريخ المحدثين ومن أفضلها تاريخ البخاري الكبير وكتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ومن كتب الضبط لمشكل الأسماء ومن أكملها كتاب الاكمال لأبي ناصر بن مأكولا وليكن كلما مر به اسم مشكل أو كلمة من حديث مشكلة بحث عنها وأودعها قلبه فإنه يجتمع له بذلك علم كثير في يسر وليكن تحفظه للحديث على التدريج قليلا قليلا مع الأيام والليالي فذلك أحرى بأن يمتع بمحفوظه وممن ورد ذلك عنه من حفاظ الحديث المتقدمين شعبة وابن علية ومعمر وروينا عن معمر قال سمعت الزهري يقول من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا وحديثين والله أعلم وليكن الاتقان من شأنه فقد قال عبد الرحمن بن مهدي الحفظ الاتقان ثم إن المذاكرة بما يتحفظه من أقوى أسباب الامتاع به روينا عن علقمة النخعي قال تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره وعن إبراهيم النخعي قال من سره أن يحفظ الحديث فليحدث به ولو أن يحدث به من لا يشتهيه وليشتغل بالتخريج والتأليف والتصنيف إذا استعد لذلك وتأهل له فإنه كما قال الخطيب الحافظ يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكشف الملتبس ويكسب جميل الذكر ويخلده إلى آخر الدهر وقل ما يمهر في علم الحديث ويقف على غوامضه ويستبين الخفي من فوائده إلا من فعل ذلك وحدث الصوري الحافظ محمد بن علي قال رأيت أبا محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ في المنام فقال لي يا أبا عبد الله خرج وصنف قبل أن يحال بينك وبينه هذا أنا تراني قد حيل بيني وبين ذلك وللعلماء بالحديث في تصنيفه طريقتان إحداهما التصنيف على الأبواب وهو تخريجه على أحكام الفقه وغيرها وتنويعه أنواعا وجمع ما ورد في كل حكم وكل نوع في باب فباب والثانية تصنيفه على المسانيد وجمع حديث كل صحابي وحده وإن اختلفت أنواعه ولمن اختار ذلك أن يرتبهم على حروف المعجم في أسمائهم وله أن يرتبهم على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم بالأقرب فالأقرب نسبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وله أن يرتب على سوابق الصحابة فيبدأ بالعشرة ثم بأهل بدر ثم بأهل الحديبية ثم بمن أسلم وهاجر بين الحديبية وفتح مكة ويختم بأصاغر الصحابة كأبي الطفيل ونظرائه ثم بالنساء وهذا أحسن والأول أسهل وفي ذلك من وجوه الترتيب غير ذلك ثم إن من أعلى المراتب في تصنيفه تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث طرفه
(١٥٤)