إطلاق أخبرنا وهو مذهب الشافعي وأصحابه وهو منقول عن مسلم صاحب الصحيح وجمهور أهل المشرق وذكر صاحب كتاب الانصاف محمد بن الحسن التميمي الجوهري المصري أن هذا مذهب الأكثر من أصحاب الحديث الذين لا يحصيهم أحد وأنهم جعلوا أخبرنا علما يقوم مقام قول قائله أنا قرأته عليه لا أنه لفظ به لي قال وممن كان يقول به من أهل زماننا أبو عبد الرحمن النسائي في جماعة مثله من محدثينا قلت وقد قيل إن أول من أحدث الفرق بين هذين اللفظين بن وهب بمصر وهذا يدفعه أن ذلك مروي عن ابن جريج والأوزاعي حكاه عنهما الخطيب أبو بكر إلا أن يعني أنه أول من فعل ذلك بمصر والله أعلم قلت الفرق بينهما صار هو الشائع الغالب على أهل الحديث والاحتجاج لذلك من حيث اللغة عناء وتكلف وخير ما يقال فيه إنه اصطلاح منهم أرادوا به التمييز بين النوعين ثم خصص النوع الأول بقول حدثنا لقوة اشعاره بالنطق والمشافهة والله أعلم ومن أحسن ما يحكى عمن يذهب هذا المذهب ما حكاه الحافظ أبو بكر البرقاني عن أبي حاتم محمد بن يعقوب الهروي أحد رؤساء أهل الحديث بخراسان أنه قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري وكان يقول له في كل حديث حدثكم الفربري فلما فرغ من الكتاب سمع الشيخ يذكر أنه إنما سمع الكتاب من الفربري قراءة عليه فأعاد أبو حاتم قراءة الكتاب كله وقال له في جميعه أخبركم الفربري والله أعلم تفريعات الأول إذا كان أصل الشيخ عند القراءة عليه بيد غيره وهو موثوق به مراع لما يقرأ أهل لذلك فإن كان الشيخ يحفظ ما يقرأ عليه فهو كما لو كان أصله بيد نفسه بل أولى لتعاضد ذهني شخصين عليه وإن كان الشيخ لا يحفظ ما يقرأ عليه فهذا مما اختلفوا فيه فرأى بعض أئمة الأصول أن هذا سماع غير صحيح والمختار أن ذلك صحيح وبه عمل معظم الشيوخ وأهل الحديث وإذا كان الأصل بيد القارئ وهو موثوق به دينا ومعرفة فكذلك الحكم فيه وأولى بالتصحيح وأما إذا كان أصله بيد من لا يوثق بإمساكه له ولا يؤمن إهماله لما يقرأ فسواء كان بيد القارئ أو بيد غيره في أنه سماع
(١٠١)