وهو متصف بالاتقان والتجويد، قيم بجميع فنون الحديث، عارف بقوانينه وأصوله، وعلله، وصحيحه، وسقيمه، وناسخه، ومنسوخه، وغريبه، وشكله، وفقهه، ومعانيه، وضبط أسماء رواته ومعرفة أحوالهم.
ويدل على براعته في هذا كتاب " تبيين الإصابة لأوهام حصلت لأبي نعيم في (معرفة الصحابة) "، وقد ذكر الذهبي في " سيره " في ترجمة الحافظ أنه شاهد خط المديني على هذا الكتاب ما نصه:
(يقول أبو موسى عفا الله عنه: قل من قدم علينا يفهم هذا الشأن كفهم الشيخ الامام عبد الغني المقدسي، وقد وفق لتبيين هذه الغلطات، ولو كان الدار قطني وأمثاله في الاحياء لصوبوا فعله، وقل من يفهم في زماننا ما فهم، زاده الله علما وتوفيقا).
شغله وإشغاله:
كان الحافظ مجتهدا على طلب الحديث، مشتغلا به طول زمانه، يفضل الرحلة للسماع على الغزو وعلى سائر النوافل، فلم يزل يجمع ويسمع ويكتب ويسهر ويدأب حتى ضعف بصره من البكاء والنسخ والمطالعة.
وكان يكرم طلبته ويحسن إليهم، ويبر كل غريب يأتي للسماع عليه، ولم يزل يسمع وينشر العلم، وإذا صار عنده طالب يفهم شيئا أمره بالسفر إلى المشايخ بالبلاد، ويفرح لهم بسماع ما يحصلونه، وبسببه سمع طلبته الكثير، لحثه إياهم وتحريضه لهم على الطلب.
فهو الذي خرج راوية الاسلام شيخ المحدثين أبا الحجاج يوسف بن خليل الادمي الإسكاف ونشطه للارتحال إلى أصبهان.
وهو رحل أبناء الامام الحافظ أبا الفتح محمدا، والمصنف