تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فأين الحرف والصوت ها هنا وأين اشتبه عليهم في تكليم موسى وإرسال الرسول فما في إلهام الخضر عليه السلام اشتباه والحمد لله فليتأمل ففيها شفاء للصدور وكذلك لا يطيق البشر أن يتلو كلام الله تعالى فإنما يسرناه بلسانك تأمل قوله يسرناه ففيه معنى الصنع وقوله بلسانك ففيه معنى لغة الغرب وكذلك قوله إنا جعلناه قرآنا عربيا ففي جعلناه معنى صيرناه وفي قوله عربيا معنى اللغة وقال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر فانظر إلى فضل الله سبحانه ولطفه بخلقه وعظيم كلامه في طي حروف وأصوات هي صفات أنفسهم كما يصنع الخلق في إفهام كلامهم الصادر عن أنوار عقولهم إلى بواطن البهائم فيما يراد من تقديمها وتأخيرها ومشيها ووقوفها وشربها الماء بوسيلة صفات البهائم من النقر والصفير والأصوات التي تشاكلها وكذلك الطفل الصغير فيما يخاطب به عند الزجر والتخويف والترغيب والتفهيم في الأشياء المضرة المفزعة والأشياء الملذة الحسنة بنوع من الألفاظ المشاكلة لفهمه فصارت الحروف والأصوات والكتابة تعظم وتوقر وتحترم إذا كتب بها كلام الله أو تلي وإذا لم يكتب بها إلا الشعر وكلام المخلوقين لم يكن لها حرمة ولا تعظيم ولا توقير ولا يوجب ذلك قدمها كحجارة البيت العتيق قطعت من الجبل
(٩٢)