التمهيد - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ١٢٣
ذكروها وضمها إلى بيته ثم ادعى تلفها ضمن لأنه بذلك الفعل خارج عن حدود الأمانة وبالله التوفيق وقال بعض أهل العلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل عن اللقطة أعرف عفاصها ووكاءها فإن جاء صاحبها وعرفها يعني بعلاماتها دليل بين على ابطال قول كل من ادعى علم الغيب في الأشياء كلها من الكهنة وأهل التنجيم وغيرهم لأنه لو علم صلى الله عليه وسلم أنه يوصل إلى علم ذلك من هذه الوجوه لم يكن لقوله صلى الله عليه وسلم (أ) في معرفة علاماتها وجه والله أعلم فهذا ما في الحديث من أحكام اللقطة ووجوه القول فيها وأما حكم الضوال من الحيوان فإن الفقهاء اختلفوا في بعض وجوه ذلك فقال مالك في ضالة الغنم ما قرب من القرى فلا يأكلها ويضمها إلى أقرب القرى تعرف فيها قال ولا يأكلها واجدها ولا من تركت عنده حتى تمر بها سنة كاملة هذا فيما يوجد بقرب القرى وأما ما كان في الفلوات والمهامة (1) فإنه يأخذها ويأكلها ولا يعرفها فإن جاء صاحبها فليس له شيء لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هي لك أو لأخيك أو للذئب والبقر بمنزلة الغنم إذا خيف عليها السباع فإن لم يخف عليها السباع فبمنزلة الإبل وقال في الإبل إذا وجدها في فلاة فلا يتعرض لها فإن أخذها فعرفها فلم يجيء صاحبها خلاها في الموضع الذي وجدها فيه قال والخيل والبغال والحمير يعرفها ثم يتصدق بثمنها لأنها لا توكل
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»