التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٣٣
وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء بخيبر قال الأوزاعي وأخذ بذلك المسلمون عندنا قال أبو عمر أحسن شيء في هذا الباب ما كتب به ابن عباس إلى نجدة الخارجي إن النساء كن يحضرن فيداوين المرضى ويجزين من الغنيمة ولم يضرب لهن بسهم وفيه إباحة ركوب البحر للنساء وقد كان مالك رحمه الله يكره للمرأة الحج في البحر فهو في الجهاد لذلك أكره والله أعلم وقال بعض أصحابنا من أهل البصرة إنما كره ذلك مالك لأن السفن بالحجاز صغار وإن النساء لا يقدرن على الاستتار عند الخلاء فيها لضيقها وتزاحم الناس فيها وكان الطريق من المدينة إلى مكة على البر ممكنا فلذلك كره ذلك مالك قال وأما السفن الكبار نحو سفن أهل البصرة فليس بذلك بأس قال والأصل أن الحج فرض على كل من استطاع إليه سبيلا من الأحرار البالغين نساء كانوا أو رجالا إذا كان الأغلب من الطريق الأمن ولم يخص برا من بحر فإذا كان طريقهم على البحر أو تعذر عليهم طريق البر فذلك لازم لهم مع الاستطاعة وفي هذا الحديث ما يدل على ركوب البحر للحج لأنه إذا ركب البحر (أ) للجهاد فهو للحج المفروض أولى وأوجب وذكر مالك رحمه الله أن عمر بن الخطاب كان يمنع الناس من ركوب البحر فلم يركبه أحد طول حياته فلما مات استأذن معاوية عثمان في ركوبه فأذن له فلم يزل يركب حتى كان أيام عمر بن عبد العزيز فمنع الناس عمر بن عبد العزيز من ركوبه
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»