التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٢٣٥
وفيه فضل لمعاوية رحمه الله إذ جعل من غزا تحت رايته من الأولين ورؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم وحي الدليل على ذلك قول إبراهيم عليه السلام * (إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) * فأجابه ابنه * (قال يا أبت افعل ما تؤمر) * وهذا بين واضح وقالت عائشة أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح وفي فرح رسول الله صلى الله عليه وسلم واستبشاره وضحكه بدخول الأجر على أمته بعده سرورا بذلك بيان ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المناصحة لأمته والمحبة فيهم وفي ذلك دليل على أن من علامة المؤمن سروره لأخيه بما يسر به لنفسه وإنما قلنا إن في هذا الحديث دليلا على ركوب البحر للجهاد وغيره للنساء والرجال إلى سائر ما استنبطنا منه لاستيقاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فرحا بذلك فدل على جواز ذلك كله وإباحته وفضله وجعلنا المباح مما يركب فيه البحر قياسا على الغزو فيه ويحتمل بدليل هذا الحديث أن يكون الموت في سبيل الله والقتل سواء أو قريبا من السواء في الفضل لأن أم حرام لم تقتل وإنما ماتت من صرعة دابتها وقال (*) لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت من الأولين وإنما قلت أو قريب من السواء لاختلاف الناس في ذلك فمن أهل العلم من جعل الميت في سبيل الله والمقتول سواء واحتج بقول الله عز وجل * (والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا) * الاثنين (أ) جميعا وبقوله تبارك اسمه * (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) *
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»