التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٨١
باحرامهم خلفه لو صح فان ذلك أيضا لا يخرج على مذهب مالك من هذا الحديث لأنه حينئذ يكون احرام القوم في تلك الصلاة قبل احرام امامهم فيها وهذا غير جائز عند مالك وأصحابه لا يحتمل الحديث غير هذه الأوجه ولا يخلو من أحدها فلذلك قلنا إن الاستدلال بحديث هذا الباب على جواز صلاة القوم خلف الامام الجنب ليس بصحيح على مذهب مالك فتدبر ذلك تجده كذلك إن شاء الله واما الشافعي فيصح الاستدلال بهذا الحديث على أصله لأن صلاة القوم عنده غير مرتبطة بصلاة امامهم لأن الامام قد تبطل صلاته إذا كان على غير طهارة (أ) وتصح صلاة من خلفه وقد تبطل صلاة المأموم وتصح صلاة الامام بوجوه أيضا كثيرة فلهذا لم يكن عنده صلاتهما مرتبطة ولا يضر عنده اختلاف نياتهما (ب) لأن كلا يحرم لنفسه ويصلى لنفسه ولا يحمل فرضا عن صاحبه فجائز عنده ان يحرم المأموم قبل امامه وان كان لا يستحب له ذلك وله على هذا دلائل قد ذكرها هو وأصحابه في كتبهم واما اختلاف الفقهاء في القوم يصلون خلف امام ناس لجنابته فقال مالك والشافعي وأصحابهما والثوري والأوزاعي لا إعادة عليهم وانما الإعادة عليه وحده إذا علم اغتسل وصلى كل صلاة صلاها وهو على غير طهارة وروى (ج) ذلك عن عمر وعثمان وعلى على اختلاف عنه وعليه أكثر العلماء وحسبك بحديث عمر في ذلك فإنه صلى بجماعة من الصحابة صلاة الصبح ثم غدا إلى أرضه بالجرف فوجد في ثوبه احتلاما فغسله واغتسل وأعاد صلاته وحده ولم يأمرهم بإعادة وهذا في جماعتهم
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»