التمهيد - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٧٩
وسنذكر وجه ذلك فيما بعد من هذا الباب إن شاء الله وأما الشافعي فإنه احتج بهذا الحديث في جواز صلاة القوم خلف الامام الجنب وجعله دليلا على صحة ذلك واردفه بفعل عمر في جماعة الصحابة من غير نكير ومما جاء عن علي رضي الله عنه في الامام يصلى بالقوم وهو على غير وضوء أنه يعيد ولا يعيدون ثم قال الشافعي وهذا هو المفهوم من مذاهب الاسلام والسنن لأن الناس انما كلفوا في غيرهم الأغلب مما يظهر لهم ان مسلما لا يصلى على غير طهارة ولم يكلفو علم ما يغيب (أ) عنهم قال أبو عمر أما قول الشافعي ان الناس انما كلفوا في غيرهم الأغلب مما يظهر لهم ولم يكلفو علم ما غاب عنهم من حال امامهم فقول صحيح الا أن استدلاله بحديث هذا الباب على جواز صلاة القوم خلف الامام الجنب هو خارج على مذهبه في أحد قوليه الذي يجيز فيه احرام المأموم قبل امامه وليس ذلك على مذهب مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم (ب) إذ كبر وهو جنب ثم ذكر حاله فأشار إلى أصحابه ان امكثوا وانصرف فاغتسل لا يخلو أمره إذ رجع من أحد ثلاثة وجوه اما أن يكون بنى على التكبيرة التي كبرها وهو جنب وبنى القوم معه على تكبيرهم فإن كان هذا فهو منسوخ بالسنة والاجماع فاما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور فكيف يبنى على ما صلى وهو غير طاهر هذا لا يظنه ذو لب ولا يقوله أحد لأن علماء المسلمين
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»