وفي هذا الحديث دروب من العلم منها ان أولى الناس بالقضاء بينهم الخليفة إذا كان عالما بوجوه القضاء ومنها ان المدعي أولى بالقول واحق ان يتقدم بالكلام ومنها ان الباطل من القضاء مردود ابدا وان ما خالف السنة باطل لا ينفذ ولا يمضي ومنها ان ما قبضه الذي يقضي به وكان القضاء خطا مخالفا للسنة المجتمع عليها لا يدخله قبضه له (في ملكه) ولا يصح ذلك له وفيه ان العالم يفتي في مصر فيه من هو اعلم منه الا ترى ان الصحابة كانوا يفتون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عن عكرمة بن خالد عن بن عمر انه سئل عن من كان يفتي في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر وعمر ولا اعلم غيرهما وقال القاسم بن محمد كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى موسى بن ميسرة عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان وعلي وثلاثة من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وروى الفضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن أبيه قال كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الواقدي قال حدثني أيوب بن النعمان بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه عن جده عن كعب بن مالك قال كان معاذ بن جبل يفتي في المدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وكان عمر بن الخطاب يقول إن خرج معاذ إلى الشام لقد أخل خروجه بالمدينة وأهلها فيما كان يفتيهم ولقد كنت كلمت أبا بكر ان يحبسه لحاجة الناس إليه فأبي علي وقال رجل أراد وجها يعني الشهادة لا احبسه فقلت ان الرجل ليرزق الشهادة وهو على فراشه في عظيم عنائه عن أهل مصره قال الواقدي قال وحدثني موسى بن علي بن رباح عن أبيه قال خطب عمر بالجابية فقال من أراد ان يسأل عن الفقه فليأت معاذ بن جبل واما قوله في هذا الكتاب لأقضين بينكما بكتاب الله فلاهل العلم في ذلك قولان
(٤٧٦)