تشتري بريرة فتعتقها فقال أهلها نبيعكها على أن الولاء لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (لا يمنعك ذلك فان الولاء لمن اعتق) وليس في أحاديث بريرة أصح من هذا الاسناد لان الأحاديث عن عائشة مختلفة الالفاظ جدا وقد بان في حديث بن عمر ان عائشة انما أرادت شراء بريرة وعتقها فأبى أهلها الا ان يكون الولاء لهم وفي هذا يكون الانكار على موالي بريرة لا على عائشة لان الولاء للمعتق ولا يتحول ببيع ولا بهبة وفي ذلك ابطال الشرط في البيع إذا كان باطلا وتصحيح البيع وهذه مسألة اختلفت فيها الآثار وعلماء الأمصار وقد روى الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ان أهل بريرة أرادوا ان يبيعوها ويشترطوا الولاء فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن اعتق) وهذه الرواية عن عائشة موافقة لحديث بن عمر في ذلك وكذلك في حديث بن شهاب ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امرها بالشراء ابتداء وتعتقها بعد ذلك ويكون الولاء لها وفي حديث هشام بن عروة أيضا في قوله (خذيها ولا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن اعتق) دليل على صحة شرائها - إن شاء الله عز وجل واشتراط أهل بريرة الولاء بعد بيعهم لها للعتق خطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منكرا لذلك وقال (ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في حكم الله أي ليست في حكم الله كما قال الله تعالى * (كتاب الله عليكم) * [النساء 24] أي حكم الله فيكم وقد ذكرنا ما للعلماء في بيع المكاتب للعتق وغيره في حال تعجيزه وحكم ذلك كله في كتاب المكاتب وفي هذا الحديث أيضا دليل على أن عقد الكتابة للمكاتب لا يوجب له عتقا وفي ذلك رد قول من قال إنه كالغريم من الغرماء إذا عقدت كتابته واما قوله في حديث هشام بن عروة خذيها واشترطي لهم الولاء فيكون معناه اظهري لهم حكم الولاء فإنما الولاء لمن اعتق أي عرفيهم بحكم الولاء لان الاشتراط الاظهار ومنها اشراط الساعة ظهور علاماتها
(٣٥٤)