الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٣٥١
وفيما وصفنا دليل على أن قول من تأول قول الله عز وجل * (إن علمتم فيهم خيرا) * [النور 33] ان الخير ها هنا المال ليس بالتأويل الجيد وان كان قد روي عن جماعة من المسلمين قد ذكرت بعضهم فيما تقدم من باب المكاتب والدليل على ضعف هذا التأويل اجماع العلماء على أن مال العبد للسيد ان شاء ان ينتزعه من عنده انتزعه من قال منهم ان العبد يملك ومن قال إنه لا يملك فكيف يكاتبه بماله الا ان يشا ترك ذلك له وأصح ما في تأويل الآية والله أعلم ان الخير المذكور فيها هو القدرة على الاكتساب مع الأمانة وقد يكتسب بالسؤال كما قيل السؤال اخر كسب الرجل أي أرذل كسب الرجل وكان بن عمر يكره كتابة العبد إذا لم تكن له حرفة وكان يكره ان يطعمه مكاتبه من سؤال الناس وقال بذلك طائفة من أهل الورع وفي حديث بريرة] ما يدل على جواز اكتساب المكاتب بالسؤال وان ذلك طيب لمولاه وهو يرد قول من قال لا تجوز كتابة المكاتب إذا عدل على السؤال لأنه يطعمه أوساخ الناس والدليل على صحة ما قلنا إن ما طاب لبريرة اخذه طاب لسيدها اخذه منها اعتبارا باللحم الذي كان عليها صدقة وللنبي صلى الله عليه وسلم هدية واعتبارا أيضا بجواز معاملة الناس للسائل وقد روي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث سهل بن حنيف وغيره أنه قال (من أعان غارما في عسرته أو غازيا في سبيل الله أو مكاتبا في رقبته اظله الله في ظله يوم لا ظل الا ظله) (1) فندب الناس إلى الصدقة على المكاتب وقد تأول قوم من العلماء في ذلك قول الله عز وجل * (وفي الرقاب) * [التوبة 60] انهم المكاتبون يعانون في فك رقابهم من اشترط منهم عونهم في اجر الكتابة ومن لم يشترط وأجازوا لهم الزكاة المفروضة فضلا عن التطوع وكان الحسن البصري يقول في قول الله عز وجل * (إن علمتم فيهم خيرا) * [النور 33] قال صدقا وأمانة من أعطاهم كان مأجورا [ومن سئل فرد خيرا كان مأجورا] وقال إبراهيم النخعي ان علمتم فيهم خيرا صدقا ووفاء
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»