الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ١٦٩
وقال جرير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فقال ((غض بصرك)) وهذه الآثار وما كان [مثلها] في معناها يدلك على [أن] قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس عند بن أم مكتوم تضعين ثيابك ولا يراك أراد به الإعلان بأن نظر الرجل إلى المرأة وتأمله لها وتكرار بصره في ذلك لا يجوز [له] لما فيه من داعية الفتنة وفي حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها انتقلي إلى بيت بن أم مكتوم فإنه رجل قد ذهب بصره فإن وضعت شيئا من ثيابك لم ير شيئا وفي هذا الحديث دليل على جواز نظر المرأة الرجل الأعمى وكونها معه وإن لم تكن ذات محرم منه في دار [واحدة وبيت] واحد وفي ذلك ما يرد حديث نبهان - مولى أم سلمة - عن أم سلمة قالت كنت أنا وميمونة جالستين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه بن أم مكتوم الأعمى فقال احتجبا منه فقلنا يا رسول الله أليس بأعمى ولا يبصرنا قال فعمياوان أنتما ففي هذا الحديث نهيه عن نظرهما إلى بن أم مكتوم وفي حديث فاطمة إباحة نظرها إليه ويشهد لحديث نبهان هذا ظاهر قول الله تعالى " وقل للمؤمنت يغضضن من أبصرهن " [النور 31] كما قال " قل للمؤمنين يغضوا من أبصرهم " [النور 30] ويشهد لذلك من طريق الغيرة أن نظرها إليه كنظره إليها و [قد] قال بعض الأعراب لأن ينظر إلى وليتي عشرة رجال خير من أن تنظر هي إلى رجل واحد ومن قال بحديث فاطمة احتج بصحة إسناده وأنه لا مطعن [لأحد من أهل] العلم بالحديث فيه وقال إن نبهان - مولى أم سلمة - ليس ممن يحتج بحديثه وزعم أنه لم يرو إلا حديثين منكرين أحدهما هذا والآخر عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المكاتب إذا كان عنده ما يؤدي به كتابته احتجبت منه سيدته
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»