الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ١٥٨
والثالث أنها لا سكنى لها ولا نفقة وهو قول أحمد وطائفة فمن هنا أبى مروان أن يرد المرأة إلى بيتها واحتج بحديث فاطمة بنت قيس وسيأتي حديث فاطمة بنت قيس بما فيه من المعاني بعد هذا - إن شاء الله تعالى واتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي والليث بن سعد أن المبتوتة لا تنتقل عن دارها ولا تبيت إلا في بيتها كل ليلة وروي عن علي وبن عباس وجابر أن المبتوته لا سكنى لها ولا نفقة وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وسنذكر أقوال الصحابة والآثار المرفوعة في هذه المسألة في الباب بعد هذا عند ذكر [حديث] فاطمة بنت قيس - إن شاء الله تعالى وأما قول مروان لعائشة إن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر فمعناه أن عائشة كانت تقول وتذهب إلى أن فاطمة بنت قيس لم يبح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج من بيتها الذي طلقت فيه إلا لما كانت طلقت فيه من البذاء بلسانها على قرابة زوجها الساكنين معها في دار واحدة ولأنها كانت معهم في شر لا يطاق وكانت عائشة تتأول في قول الله عز وجل " لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفحشة مبينة " [الطلاق 1] أن الفاحشة هنا أن تبدو على أهل الزوج فقال لها مروان إن كان بك الشر أي كنت تذهبين إلى أن الشر النازل بين فاطمة وأحمائها هو كان السبب إلى أن تخرج بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم من دارها فحسبك ما بين ابنة عبد الرحمن وزوجها من الشر إذا طلقها وبينها وبين [بعض] أحمائها أيضا فنقول فيجوز لها ما جاز لفاطمة بنت قيس من الانتقال من أجل الشر الذي نزل بينهما ذكر سنيد قال حدثني أبو معاوية عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال قلت لسعيد بن المسيب أين تعتد المطلقة قال في بيتها قلت أليس قد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس أن تعتد في بيت بن أم مكتوم فقال سعيد تلك المرأة فتنت الناس استطالت على أحمائها بلسانها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت بن أم مكتوم وكان مكفوف البصر قال وحدثني هشيم قال أخبرنا يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق امرأته وهي بنت عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص فانتقلها أبوها في عدتها فأرسلت [عائشة] إلى مروان
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»