الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٦ - الصفحة ١٦٣
الخيار أنه قد ارتجعها بذلك إلى ملكه واختار نقض البيع بفعله ذلك وللمطلقة الرجعية حكم من ذلك وقال مالك والشافعي لا يسافر بها حتى يراجعها وقد قال أبو حنيفة وأصحابه إلا زفر فإنه روى عنه الحسن بن زياد أن له أن يسافر بها قبل الرجعة وروى عنه عمرو بن خالد لا يسافر بها حتى يراجع وأما قول سعيد بن المسيب قال إذا طلقها في بيت بكراء فعليه الكراء فإن لم يجد فعليها فإن لم تجد فعلى الأمير فالمعنى عندي فيه - والله أعلم - أن الكراء عليه والإسكان كما عليه النفقة وظاهر القرآن قد صرح بالإسكان في قوله تعالى * (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم) * [الطلاق 6] فلما لم يجد سقط ذلك عنه والله أعلم وقد يحتمل أن تكون زوجته إذا أدت الكراء أن تنصرف به عليه لأن من لزمه شيء في اليسر لزم ذمته في العسر ويحتمل أن يكون لما لم يجد سقط عنه ذلك وانتقل إليها بدليل قوله عز وجل * (لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن) * [الطلاق 1] ففرض عليهن أن لا يخرجن كما فرض عليهم أن لاتخرجوهن فلما انتقل إليها وجوب غرم الكراء لم يعد عليه لأنه إنما لزمه في حال اليسار وقد قال مالك في الحامل المبتوتة أن لها على زوجها النفقة إن كان موسرا وإن كان معسرا فلا نفقة لها عليه وأما قوله فعلى الأمير في ذلك لأن للفقراء والغارمين حقا في بيت المال في الصدقات فالحجة في ذلك قول الله عز وجل " إنما الصدقات للفقراء والمسكين " [التوبة 60] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا أو عيالا فعلي
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»