الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢٢٤
وقد أجمع العلماء على أن الأضحى مؤقت بوقت إلا أنهم اختلفوا في تعيين ذلك الوقت على ما نورده عنهم في بابه من هذا الكتاب إن شاء الله وأجمعوا على أن الذبح لأهل الحضر لا يجوز قبل الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم ((ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم)) وأما الذبح بعد الصلاة وقبل ذبح الإمام فموضع اختلف فيه العلماء واختلفت فيه الآثار أيضا فذهب مالك والشافعي وأصحابهما والأوزاعي إلى أنه لا يجوز لأحد أن يذبح أضحيته قبل ذبح الإمام وحجتهم حديث مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بردة بن نيار أن يعود بضحية أخرى وكان ذبح قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى بن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام صلى [يوم النحر] بالمدينة فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر فأمر من كان نحر قبله أن يعيد بذبح آخر ولا ينحر حتى ينحر النبي عليه السلام وقال معمر عن الحسن في قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) * [الحجرات 1] [نزلت] في قوم ذبحوا قبل أن ينحر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبل أن يصلي فأمرهم أن يعيدوا وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والليث [بن سعد] لا يجوز ذبح الأضحية قبل الصلاة ويجوز بعدها قبل أن يذبح الإمام [لأن الإمام] وغيره فيما يحل من الذبح ويحرم سواء فإذا أحل الإمام الذبح حل لغيره ولا معنى لانتظاره وحجتهم حديث الشعبي عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((من نسك قبل الصلاة فإنما هي شاة [لحم])) (1) وقال داود بن أبي هند وعاصم عن الشعبي عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من ذبح قبل الصلاة فليعد
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»