الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٥ - الصفحة ٢١٣
قال أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن بن إسحاق بإسناده ومعناه وزاد ((خذ عنا مالك لا حاجة لنا به)) (1) وقال حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدري يقول دخل رجل المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثيابا فطرحوا ثيابا فأمر له منها بثوبين ثم حث على الصدقة فجاء فطرح أحد الثوبين فصاح النبي صلى الله عليه وسلم به وقال ((خذ ثوبك)) (2) وأما ما رواه عن عائشة فيمن قال مالي في رتاج الكعبة أنه يكفره ما يكفر اليمين فهو مذهب جمهور العلماء القائلين بكفارة اليمين في من حلف بصدقة ماله وهو قول الشافعي ومن ذكرنا معه على حسب ما تقدم في هذا الباب عنهم وأما الكوفيون فمنهم من يوجب عليه أن يتصدق بماله كله إذا قال مالي في رتاج الكعبة على حسب ما ذكرنا عنهم في هذا الباب فيمن حلف بصدقة ماله ومالك لا يراه شيئا لأنه لا يمكنه وضعه في رتاج الكعبة ولا يحتاج رتاج الكعبة إليه فكأنه عنده من معنى اللغو أو اللعب كما لو قال مالي في البحر وأصله الذي بنى عليه في الأيمان مذهبه أن كل يمين فيها بر وخير فهي عنده كالنذر تلزم حالفها الكفارة كما تلزمه الوفاء بها إن نذر وما لا بر فيه ولا طاعة فلا يفي به إن نذره ولم ير قول من قال مالي في رتاج الكعبة من البر والطاعة ولا هي عنده يمين فيكفرها ولا نذر طاعة فيفي به وهذا تحصيل مذهبه فقد روى إسماعيل بن أبي أويس عن مالك قال مالي في رتاج الكعبة قال قالت عائشة - زوج النبي صلى الله عليه وسلم - ما يكفره اليمين وما هو عندي بالممكن إن هو كفر أن يكون ذلك مجزيا عنه وهو حقيق قال أبو عمر يعني المشهور من مذهب عائشة فيمن قال مالي في سبيل الله أنه يجزئه الثلث بلا نحر فما دونه وهو خلاف لما روى مالك وروى عنه سائر أصحابه فيمن قال مالي في رتاج الكعبة قال وقال مرة أخرى من قال مالي هدي إلى الكعبة فالثلث يجزئه قال أبو عمر الذي قالت عائشة - رضي الله عنها - عليه جمهور العلماء وبالله التوفيق تم كتاب النذور والأيمان والحمد لله رب العالمين
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»