وقد رأى جماعة من العلماء أن الجاني إذا عاذ بالحرم لم يقم عليه حده فيه حتى يخرج منه ولهذه المسألة باب غير هذا وقالوا لم يكن الجزاء في غير هذه الأمة إلا على محرم فلا على قاتل صيد في الحرم وهو حلال وإنما كان الجزاء على هذه الأمة لقوله (عز وجل) * (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا) * [المائدة 95] واتفق فقهاء الأمصار ومالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي أن على من قتل صيدا وهو حلال في الحرم الجزاء كما لو قتله محرم وبه قال جماعة أصحاب الحديث وشذت فرقة منهم داود بن علي فقالوا لا جزاء على من قتل في الحرم شيئا من الصيد إلا أن يكون محرما ولا يختلفون في تحريم الصيد في الجزاء وإنما اختلفوا في وجوب الجزاء فيه وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وبن عباس وبن عمر في حمام الحرم شاة في كل واحدة منها ولم يخصوا محرما من حلال ولا مخالف لهم من الصحابة وقد يوجد لداود سلف من التابعين ذكر عبد الرزاق عن معمر عن صدقة بن يسار قال سألت سعيد بن جبير عن حجلة ذبحتها وأنا بمكة فلم ير علي شيئا وكان أبو حنيفة يقول للحلال يقتل الصيد في الحرم أنه لا يجزئه إلا الهدي والإطعام ولا يجزئه الصوم كأنه جعله ثمنا وعند مالك والشافعي يجزئه الصوم كسائر من وجب عليه جزاء الصيد من المحرمين وقال أبو حنيفة في المحرم إذا أدخل مع الضحية شيئا من صيد الحل إلى الحرم فلا يجوز له ذبحه ولا حبسه وعليه أن يرسله وقال مالك والشافعي جائز له بيعة وهبته في الحرم
(١٤٦)