الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٤ - الصفحة ١٤٠
قال مالك في الرجل المحرم يصطاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله قال أبو عمر أما حديث عثمان ففيه من الفقه أنه لا بأس على المحرم في اليوم الشديد الحر أن يغطي وجهه فإن الله تعالى غني عن تعذيب المؤمن نفسه وقد تأول قوم في ذلك على عثمان أنه قال كان مذهبه إن إحرام المحرم في رأسه دون وجهه وقد ذهب إلى ذلك قوم وقد تقدم ذكر هذه المسألة في بابها من هذا الكتاب وقد يحتمل أن يكون عثمان قد اقتدى بفعله ذلك على مذهب بن عمر ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم ولكن الظاهر من مذهبه أن إحرام المحرم في رأسه دون وجهه وفيه أن من وسع الله عليه وسع على نفسه في الملبس وغيره فإن الله (عز وجل) يحب أن يرى أثر نعمته على عبده إذا أنعم بها عليه وهذا ثابت المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتمل أن يكون لباسه الأرجوان لأنه صوف والأرجوان الشديد الحمرة قال أبو عبيد ولا يقال لغير الحمرة أرجوان وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نلبس الأرجوان وعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاه عن لبسه وقد ذكرنا الأحاديث بذلك في موضعها من هذا الكتاب وذكرنا ما يعارضها واختلاف العلماء في معناها هناك والحمد لله وأما قوله لأصحابه في لحم الصيد كلوا فإني لست كهيئتكم إنه صيد من أجلي فقد مضى هذا المعنى وقال أشهب عن مالك أنه سئل عن معنى قول عثمان إنما صيد من أجلي فقال إنما ذلك من أجل أنه صيد له بعد أن أحرم فأما ما صيد من أجل محرم أو
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»