الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٤٧
قال مالك ولو فعل ذلك فاعل ما كان ضيقا ولا مكروها فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد وصلى عمر على أبي بكر في المسجد وصلى صهيب على عمر في المسجد وكذلك قال عبد الملك ومطرف وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما صلى على أبي بكر إلا في المسجد قال وحدثنا وكيع عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال صلي على أبي بكر وعمر تجاه المنبر قال وحدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح بن سليمان عن صالح بن عجلان عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد وذكر عبد الرزاق عن معمر والثوري عن هشام بن عروة قال رأى أبي الناس يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة فقال ما يصنع هؤلاء ما صلي على أبي بكر إلا في المسجد فإن قيل إن الناس الذين أنكروا على عائشة أن يمر عليها سعد بن أبي وقاص في المسجد هم الصحابة وكبار التابعين لا محالة قيل لهم ما رأت عائشة إنكارهم بكبير ورأت الحجة في رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ هو الأسوة الحسنة والقدوة وأين المذهب والرغبة عن سنته صلى الله عليه وسلم ولم يأت عنه ما يخالفها من وجه معروف ولو لم تكن في هذا الباب سنة ما وجب أن تمنع عن ذلك لأن الأصل الإباحة حتى يرد المنع والحظر فكيف وفي إنكار ذلك جهل السنة والعمل الأول القديم بالمدينة ألا ترى أن قول عائشة (ما أسرع الناس) تريد إلى إنكارها ما يعلمون وترك السؤال عما يجهلون وقد روي (ما أسرع ما ينسى الناس وليس من نسي علما بحجة على من ذكره وعلمه وبالله التوفيق وقد احتج بعض من تعميه نفسه من المنتسبين إلى العلم في كراهية الصلاة على الجنائز في المسجد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي وخرج بهم إلى المصلى فصفهم وكبر أربع تكبيرات قال ولم يصل عليه في المسجد وفي احتجاجه هذا ضروب من الإغفال
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»