الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٤٣
سفيان بن حويطب أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبقيع قال وكان طارق يغلس بالصبح (1) قال بن أبي حرملة فسمعت عبد الله بن عمر يقول لأهلها إما أن تصلوا على جنازتكم الآن وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس قال أبو عمر أتيت بمعنى الحديث دون لفظه وقد أوضحنا في التمهيد علة حديث مالك عن هشام بن عروة إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز وأن هذه اللفظة حتى تبرز لا تصح لاضطراب الرواة فيها فمنهم من يقول حتى تشرق ومنهم من يقول حتى ترتفع وحتى تبيض وهو الصحيح بدليل حديث مالك عن محمد بن أبي حرملة هذا من قول بن عمر وفعله وهو حديث لم يضطرب رواته واضطربوا في حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه على ما وصفت لك واختلفوا في إسناده وأصح ما فيه رواية مالك مرسلة ويقضي على هذا كله حديث عمرو بن عنبسة وأبي أمامة والصنابحي وغيرهم أن الشمس تطلع مع قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ولم يقل إذا برزت فارقها بل قد جاء في الأحاديث الثابتة حتى ترتفع وحتى تبيض وهذا يوضح لك أن معنى قوله في حديث هشام بن عروة عن أبيه حتى تبرز أي حتى تبرز مرتفعة بيضاء وعلى هذا يصح استعمال الأحاديث كلها 496 - مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال يصلي على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما وهذا باب اختلف العلماء فيه قديما وحديثا وقد ذكرناه في كتاب الصلاة من كتابنا هذا مبسوطا والحمد لله وأما اختلاف الفقهاء أئمة الفتوى في ذلك فقال مالك في رواية بن القاسم عنه لا بأس بالصلاة على الجنائز بعد العصر
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»