الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٣ - الصفحة ٣٦١
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم يفطر ويطعم لكل يوم مسكينا نصف صاع من حنطة ولا شيء عليه غير ذلك وقال أبو ثور أما الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الصوم فإنه يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا إذا كان الصوم يجهده وإن كان لا يقدر على الصوم فلا شيء عليه قال أبو عمر قال الله تعالى * (كتب عليكم الصيام) * إلى قوله * (فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم) * [البقرة 183 184] قوله تعالى * (يطيقونه) * هو الثابت بين لوحي المصحف المجتمع عليه وهي القراءة الصحيحة التي يقطع بصحتها ويقطع الفرد بمجيئها وقد اختلفت العلماء بتأويلها قال منهم قائلون هي منسوخة قالوا كان المقيم الصحيح المطيق للصيام مخيرا بين أن يصوم رمضان وبين أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا وإن شاء صام منه ما شاء وأطعم عما شاء فكان الأمر كذلك حتى أنزل الله - عز وجل - * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * [البقرة 184] فنسخ به ما تقدم من التخيير بين الصوم والإطعام واختلفوا مع هذا في تأويل قوله * (فمن تطوع خيرا فهو خير له) * [البقرة 184] فقال بعضهم يطعم مسكينين عن كل يوم مدا مدا أو نصف صاع وقال بعضهم يطعم مسكينا أكثر مما يجب عليه وقال بعضهم أراد بقوله * (فمن تطوع خيرا فهو خير له) * [البقرة 184] أن يصوم مع الفدية قال والصوم مع ذلك خير له من ذلك وكل هؤلاء يقولوا الآية منسوخة بقوله * (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) * [البقرة 185] وممن قال بذلك عبد الله بن عباس رواه أيوب وخالد الحذاء عن محمد بن سيرين عن بن عباس ورواه يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس ورواه بن جريج وعثمان بن عطاء الخرساني عن عطاء عن بن عباس
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»