وأما الذين كانوا يقرؤون (على الذين يطوقونه فدية طعام مساكين) فهذه القراءة رويت عن بن عباس من طرق وعن عائشة كذلك كان يقرأ مجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة وجماعة من التابعين وغيرهم وكلهم يذهب إلى أن الآية محكمة في الشيخ والعجوز والحامل والمرضع الذين يكلفون الصيام ولا يطيقونه وسيأتي ذكر الحامل والمرضع في هذا الباب إن شاء الله ومعنى * (يطيقونه) * عند جميعهم يكلفونه ثم اختلفوا فقال بعضهم يكلفونه ولا يطيقونه إلا بجهد ومشقة مضرة فهؤلاء جعلت عليهم الفدية وهذا القول نحو ما قدمنا عن الذين ذهبوا إلى ذلك ممن قرأ القراءة الثابتة في المصحف (يطيقونه) وقال بعضهم يكلفونه ولا يطيقونه على حال النية فألزموا الفدية بدلا من الصوم وذكروا نحو ما ذكرنا من الحجة ومعارضات لم أر لذكرها وجها لأن القراءة غير ثابتة في المصحف ولا يقطع بها على الله تعالى وإنما مجراها مجرى أخبار الآحاد العدول في الأحكام وفيما ذكرنا كفاية ودلالة على ما عنه سكتنا وبالله توفيقنا وأما حديث مالك في هذا الباب 640 - أنه بلغه أن عبد الله بن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها واشتد عليها الصيام قال تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك وأهل العلم يرون عليها القضاء كما قال الله عز وجل * (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) * ويرون ذلك مرضا من الأمراض مع الخوف على ولدها قال أبو عمر أما الخبر عن بن عمر بما ذكر مالك أنه بلغه فقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر وحماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول في الحامل والمرضع يفطران وتطعمان عن كل يوم مدا لمسكين
(٣٦٤)