الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٩
قال أبو عمر هذا يدل على المداومة وعلى أنه كان غسله قبل الرواح واختلف العلماء فيمن اغتسل للجمعة وهو جنب ولم يذكر جنابته فذهبت طائفة منهم إلى أنه يجزئ من غسل الجنابة وإن كان ناسيا لها في حين الغسل وممن ذهب إلى ذلك بن كنانة وأشهب وبن وهب ومطرف وبن نافع ومحمد بن مسلمة وبن الماجشون وهؤلاء كلهم أصحاب مالك وبه قال المزني صاحب الشافعي وقال آخرون لا يجزيه ذلك عن غسل الجنابة حتى ينوي غسل الجنابة ويكون ذاكرا لجنابته في حين غسله قاصدا إلى الاغتسال منها وممن ذهب إلى هذا بن القاسم وحكاه بن عبد الحكم عن مالك وهو قول الشافعي وأكثر أصحابه وبه قال داود ولم يختلف قول مالك وأصحابه أن من اغتسل للجنابة لا ينوي الجمعة معها أنه غير مغتسل للجمعة ولا يجزيه من غسل الجمعة إلا ما رواه محمد بن الحكم عن أشهب أنه قال يجزيه غسل الجنابة من غسل الجمعة وقد رواه أبو إسحاق البرقي أيضا عن أشهب وهو قول مالك وأصحابه أن من تيمم للفريضة جاز أن يصلي به صلاة السنة والنافلة ولا يجزئ عند واحد منهم أن يتيمم للنافلة فيصلي به الفريضة وهذا يقضي لقول أشهب وقال عبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والشافعي والليث بن سعد والطبري المغتسل للجنابة يوم الجمعة يجزيه من غسل الجمعة ومن الجنابة جميعا إذا نوى غسل الجنابة وإن لم ينو الجمعة وأجمعوا على أن من اغتسل ينوي غسل الجنابة والجمعة جميعا في وقت الرواح أنه يجزيه منهما جميعا ولا يضره اشتراك النية في ذلك إلا قوما من أهل الظاهر وبعض المتأخرين فإنهم شذوا فأفسدوا الغسل إذا اشترك فيه الفرض والنفل وهذا لا وجه له ولو نوى بوضوء الفريضة والنافلة لم يضره وقال الأثرم قلت لابن حنبل رجل اغتسل يوم الجمعة من جنابة ينوي به غسل الجمعة فقال أرجو أن يجزيه منهما جميعا قلت له يروى عن مالك أنه قال لا يجزيه عن واحد منهما فأنكره
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»