الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ١٤
بالغسل مثل قوله عليه السلام في حديث بن شهاب عن بن السباق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع يا معشر المسلمين إن هذا يوم قد جعله الله عيدا فاغتسلوا (1) وقد ذكرنا الحديث فيما مضى من هذا الكتاب وذلك في باب السواك وذكرنا في التمهيد أن عمر أول من تسمى بأمير المؤمنين وأوردنا الخبر بذلك وما كان سببه هناك وفي حديث بن شهاب هذا من الفقه أيضا شهود الفضلاء السوق وطلبهم الرزق بالتجارة وفيه أن السوق يوم الجمعة لم يكن الناس يمنعون منه إلا في وقت النداء لقوله تعالى " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله " [الجمعة 9] ومن الدليل أيضا على أن الأمر بالغسل للجمعة ليس على الوجوب ما روته عائشة وبن عمر وبن عباس وأبو سعيد في الوجه الذي من أجله أمروا بالغسل يوم الجمعة أول ما أمروا به وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك في التمهيد فمن ذلك أن يحيى بن سعيد الأنصاري قال سألت عمرة عن غسل الجمعة فذكرت أنها سمعت عائشة تقول كان الناس عمال أنفسهم يروحون بهيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم (2) وروى إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر قال كان الناس يغدون في أعمالهم فإذا كانت الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب درنة وألوانها متغيرة قال فشكوا ذلك إلى رسول الله فقال من جاء منكم الجمعة فليغتسل ويتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته وفي الموطأ لمالك عن نافع عن بن عمر أنه كان لا يروح إلى الجمعة الا ادهن وتطيب إلا أن يكون حراما ولم يذكر غسلا وروى الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة أن ناسا من أهل العراق جاؤوا فقالوا يا بن عباس الغسل يوم الجمعة واجب قال لا ولكنه أطهر وأطيب وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فلا حرج وسأخبركم كيف بدء الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»