الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٨
قال وقد جاءت الآثار بالتهجير إلى الجمعة في أول النهار (1) وقد سقنا ذلك في موضعه من كتاب واضح السنن بما فيه بيان وكفاية هذا كله قول بن حبيب قال أبو عمر هذا كله تحامل منه على مالك فهو الذي قال القول الذي أنكره وجعله خلفا من القول وتحريفا من التأويل والذي قاله مالك تشهد له الآثار الصحاح من رواية الأئمة ويشهد له أيضا العمل بالمدينة عنده وهذا مما يصح فيه الاحتجاج بالعمل لأنه أمر متردد كل جمعة لا يخفى على عامة العلماء فمن الآثار التي يحتج بها مالك ما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال إذا كان يوم الجمعة قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول فالمهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة فإذا جلس الإمام طويت الصحف واستمعوا الخطبة (2) وقد ذكرنا الإسناد إلى الزهري في التمهيد من طرق جلبنا فيها الاختلاف عنه فيه وقد ذكرناه عن غيره أيضا من وجوه ألا ترى إلى ما في هذا الحديث أنه قال يكتبون الناس الأول فالأول المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة ثم الذي يليه فجعل الأول مهجرا وهذه اللفظة إنما هي مأخوذة من الهاجرة والهجير وذلك وقت النهوض إلى الجمعة وليس ذلك عند طلوع الشمس لأن ذلك الوقت به هاجرة ولا هجير وفي الحديث ثم الذي يليه ثم الذي يليه ولم يذكر الساعات والطرق بذلك اللفظ كثيرة مذكورة في التمهيد وفي بعضها المتعجل إلى
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»