الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٢ - الصفحة ٢١
ولا خلاف عليه بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على من سمعها واختلف فيمن لم يسمعها وجاء في هذا المعنى خلاف عن بعض المتأخرين فروي عن الشعبي وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وأبي بردة أنهم كانوا يتكلمون والإمام يخطب إلا في حين قراءة القرآن في الخطبة خاصة وفعلهم هذا مردود عند أهل العلم بالسنة المذكورة في هذا الباب وأحسن أحوالهم أن يقال إنهم لم يبلغهم الحديث في ذلك لأنه حديث انفرد به أهل المدينة ولا علم لمتقدمي أهل العراق به واختلف العلماء في وجوب الإنصات على من شهد الخطبة إذا لم يسمعها لبعده من الإمام فذهب مالك والشافعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي إلى أن الكلام لا يجوز لكل من شهد الخطبة سمع أو لم يسمع وقد كان عثمان يقول في خطبته استمعوا وأنصتوا فإن المنصت الذي لا يسمع له من الأجر مثل ما للمستمع الصامت وعن بن عمر وبن عباس أنهما كانا يكرهان الكلام والصلاة بعد خروج الإمام ولا مخالف لهؤلاء من الصحابة فسقط قول من قال بقول الشعبي ومن تابعه وذكر عبد الرزاق (1) عن الثوري عن حماد عن إبراهيم قال إني لأقرأ حزبي إذا لم أسمع الإمام بالخطبة يوم الجمعة وعن بن جريج عن عطاء قال يحرم الكلام ما كان الإمام على المنبر وإن كان قد ذهب في غير ذكر الله قال ويوم عرفة والعيدين كذلك في الخطبة (2) قال بن جريج قلت لعطاء أسبح وأهلل وأدعو الله في نفسي يوم الجمعة وأنا أعقل الخطبة قال لا إلا الشيء اليسير واجعله بينك وبين نفسك قلت لعطاء كنت لا أسمع الإمام أسبح وأهلل وأدعو الله لنفسي ولأهلي وأسميهم بأسمائهم قال نعم
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»