الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
وقد ذكرنا في ((التمهيد)) أيضا اختلاف ألفاظ الرواة لهذا الحديث عن عائشة في العقد لمن كان في الموضع الذي سقط فيه ومن سماه عقد ومن سماه قلادة وكل ذلك من نقل الثقات ولا يقدح شيء من ذلك في المعنى المقصود إليه من الحديث وليس في الموطأ حديث مرفوع في التيمم غير هذا وهو أصل التيمم إلا أنه ليس فيه رتبة التيمم وكيفيته وقد نقلت آثار عن النبي - عليه السلام - مختلفة في كيفية التيمم هل هو ضربة أو ضربتان [وهل يبلغ به المرفقان أم لا] وهل الرواية في التيمم إلى الآباط عن عمار منسوخة أم لا وكل ذلك مبسوط في التمهيد ويأتي فيه ها هنا ما يغني ويكفي إن شاء الله وأجمع العلماء بالأمصار بالمشرق والمغرب - فيما علمت - أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهور كل مسلم مريض أو مسافر وسواء كان جنبا أو على غير وضوء ولا يختلفون في ذلك وكان عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود يقولان إن الجنب لا يطهره إلا الماء وأنه لا يستبيح بالتيمم الصلاة أبدا بقوله تعالى * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * [المائدة 6] وقوله * (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * [النساء 43] وخفيت عليهما السنة في ذلك ولم يصل إليهما من ذلك إلا قول عمار وكان عمر حاضرا ذلك معه فأنسي قصد عمار وارتاب في ذلك بحضوره معه ونسيانه لذلك (فلم) يقنع بقوله فذهب هو وبن مسعود إلى أن الجنب لم يدخل في المراد بقوله * (وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا) * [المائدة 6] وكانا يذهبان إلى أن الملامسة ما دون الجماع وقد ذكرنا اختلاف العلماء في معنى الملامسة فيما مضى والحمد لله وروى أبو معاوية عن الأعمش عن أبي وائل عن بن مسعود قال لا يتيمم الجنب وإن لم يجد الماء شهرا ولم يتعلق أحد من فقهاء الأمصار من قال إن الملامسة الجماع ومن قال إنها ما دون الجماع بقول عمر وبن مسعود في ذلك ولا ذهب إليه لما روي عن النبي - عليه السلام - من حديث عمار وحديث عمران بن حصين وحديث أبي ذر أنه - عليه السلام - أمر الجنب بالتيمم إذا لم يجد الماء ولو غاب عن الماء شهرا
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»