قال أبو عمر أما الذين ذهبوا إلى ألا يصلي حتى يجد الطهارة فحجتهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور)) (1) وليس فرض الوقت بأوكد من هذا كما أنه لا يقبلها قبل وقتها وأما الذين ذهبوا إلى أن يصلي كما هو ويعيد فاحتاطوا للصلاة في الوقت على حسب الاستطاعة لاحتمال قوله ((بغير طهور)) لمن قدر عليه ولم يكونوا على يقين من هذا التأويل فرأوا الإعادة واجبة مع وجود الطهارة قال أبو عمر في حديث مالك هذا عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قولها ((فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء ولم يكن يومئذ طهارة غير الماء وحينئذ نزلت آية التيمم)) دليل على أن من عدم الماء لم يصل حتى يمكنه والله أعلم وقد يحتمل قولها ((حتى أصبح)) قارب الصباح أو طلع الفجر ولم تطلع الشمس حتى نزلت آية التيمم والله أعلم وقد ذكرنا في ((التمهيد)) في هذا الموضع الأحاديث عن النبي عليه السلام أنه قال ((لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول)) (2) وقوله عليه السلام ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) (3) بالأسانيد الصحاح والحمد لله وقوله في حديث مالك وليسوا على ماء وليس معهم ماء دليل واضح على أن الوضوء بالماء قد كان لازما لهم قبل نزول آية التيمم وهي آية الوضوء وأنهم لم يكونوا يصلون إلا بوضوء قبل نزول الآية ألا ترى قوله ((فأنزل الله آية التيمم)) وهي آية الوضوء المذكورة في تفسير المائدة أو الآية التي في سورة النساء ليس التيمم مذكورا في غير هاتين الآيتين وهما مدنيتان
(٣٠٧)