وهذا واضح لا إشكال فيه ولا مدخل للقول وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث في التمهيد وفي هذا الحديث ما كان عليه نساء ذلك الزمان من الاهتبال (1) والاهتمام بأمر دينهن والسؤال عنه وهذا يلزم كل مؤمن ومؤمنة إذا جهل شيئا من أمر دينه أن يسأل عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((شفاء العي السؤال)) (2) وقالت عائشة رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن أمر دينهن وكانت أم سليم من فواضل نساء الأنصار وفيه أيضا دليل على أن النساء ليس كلهن يحتلمن ولهذا أنكرت عائشة وأم سلمة سؤال أم سليم وقد يعدم الاحتلام في بعض الرجال فالنساء أحرى أن يعدم ذلك فيهن وقد قيل إن إنكار عائشة لذلك إنما كان لصغر سنها وكونها مع زوجها لأنها لم تحض إلا عنده ولم تفقده فقدا طويلا إلا بموته عليه السلام فلذلك لم تعرف في حياته الاحتلام لأن الاحتلام لا يعرفه النساء ولا أكثر الرجال إلا عند عدم الجماع بعد المعرفة به فإذا فقد النساء أزواجهن احتلمن والوجه الأول عندي أصح وأولى والله أعلم لأن أم سلمة فقدت زوجها وكانت كبيرة عالمة بذلك وأنكرت منه ما أنكرت عائشة رحمها الله فدل ذلك على أن من النساء من لا تنزل الماء في غير الجماع الذي يكون حقيقة في اليقظة والله أعلم وفيه جواز الإنكار والدعاء بالسوء على من اعترض فيما لا علم له به وفيه أن الشبه يكون من سبق الماء وعلوه وغلبته والله أعلم على ما مضى في الآثار التي ذكرنا ومثلها ما ذكره بن وهب قال أخبرنا بن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري [عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة] عن أم سليم امرأة أبي طلحة قالت يا رسول الله هل على المرأة ترى زوجها في المنام يقع عليها - غسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا رأت بللا فقالت أم سلمة يا رسول الله وتفعل ذلك المرأة
(٢٩٣)