وفي رواية أخرى لا يزيده النضح إلا قذرا والأصل في الثوب الطهارة وكذلك الأرض وجسد المؤمن حتى يصح حلول النجاسة في شيء من ذلك فمن استيقن حلول المني في ثوبه غسل موضعه منه إذا اعتقد نجاسته كغسله سائر النجاسات على ما قد بينا وإن لم يعرف موضعه غسله كله فإن شك هل أصاب ثوبه شيء منه أم لا [نضحه بالماء] على ما وصفنا وعلى هذا مذهب الفقهاء لما ذكرنا روى معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه كان يقول في الجنابة تصيب الثوب إن رأيت أثره فاغسله وإن خفي عليك فاغسل الثوب كله وإن شككت [فلم تدر] أصاب الثوب أم لا فانضحه وروي نحو ذلك عن بن عمر وسعيد بن المسيب وأنس بن مالك وبن سيرين والشعبي وجماعة من التابعين وقال عيسى بن دينار من صلى بثوب مشكوك في نجاسته أعاد في الوقت وقال بن نافع لا إعادة عليه وهو الصواب لما قدمنا في كل شيء طاهر أنه على طهارته حتى يصح حلول النجاسة فيه وأما قول عمر ((لقد ابتليت بالاحتلام منذ وليت أمر الناس)) فذلك - والله أعلم - باشتغاله بأمور المسلمين ليلا ونهارا عن النساء وأما قوله لعمرو بن العاص حين قال له دع ثوبك يغسل فقال ((لو فعلتها لكانت سنة)) فإنما كان ذلك لعلمه بمكانه من قلوب المؤمنين ولاشتهار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء من بعدي)) (1) وأنهم كانوا يمتثلون أفعالهم فخشي التضييق على من ليس له إلا ثوب واحد - وكان رحمه الله - يؤثر التقلل من الدنيا والزهد فيها وفي إعادة عمر صلاته وحده دون الذين صلوا خلفه دليل على صحة ما ذهب إليه الحجازيون أنه لا يعيد من صلى خلف الجنب وغير المتوضئ إذا لم يعلموا حاله
(٢٨٨)